خطبة الجمعة القادمة 14 فبراير: الأخلاق في الإسلام، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة 14 فبراير : الأخلاق في الإسلام وأثرها في صلاح الأمة ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 20 من جمادي الآخرة 1441هـ الموافق 14 فبراير 2020م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأخلاق في الإسلام :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأخلاق في الإسلام ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأخلاق في الإسلام ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأخلاق في الإسلام : كما يلي:
عناصر خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأخلاق في الإسلام :
العنصر الأول: أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام
العنصر الثاني: حسن الخلق طريق إلى الجنة
العنصر الثالث: وسائل اكتساب الأخلاق
العنصر الرابع: أثر الأخلاق في صلاح الأمة
المقدمة: أما بعد:
العنصر الأول: أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام
عباد الله: إن للأخلاق أهمية كبرى في الإسلام، فالخلق من الدين كالروح من الجسد، والإسلام بلا خلق جسدٌ بلا روح، وإننا لو نظرنا إلى الدين الإسلامي لوجدناه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: عقيدة وتتمثل في توحيد الله تعالى، وشريعة: وتتمثل في العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها، وأخلاق: وتتمثل في الأخلاق الفاضلة في التعامل مع الآخرين. وكل قسم من هذه الأقسام الثلاثة يمثل ثلث الإسلام، فالعقيدة تمثل ثلث الإسلام، لذلك كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن لاشتمالها على الجانب العقدي، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ” (متفق عليه )، وكذلك العبادات تعدل ثلث الإسلام، والأخلاق- التي يظن البعض أن لا علاقة لها بالدين – تعدل ثلث الإسلام، بل الإسلام كله .
بل إنه صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الهدف من بعثته غرس مكارم الأخلاق في أفراد المجتمع فقال:” إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمَّمَ صالحَ الأخلاقِ” [أحمد والبيهقي والحاكم وصححه]. قال المناوي: “أي أُرسلت لأجل أن أكمل الأخلاق بعد ما كانت ناقصة، وأجمعها بعد التفرقة.” وقد وقف العلماء عند هذا الحديث قائلين:
لماذا حصر النبي بعثته في مكارم الأخلاق مع أنه بعث بالتوحيد والعبادات وهي أرفع منزلة وأهم من الأخلاق؟!!
والجواب: أن التوحيد والعبادات شرعت من أجل ترسيخ مكارم الأخلاق بين أفراد المجتمع، فالغاية والحكمة الجليلة من تشريع العبادات هي غرس الأخلاق الفاضة وتهذيب النفوس؛ كما هو معلوم في الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها .
ولأهمية الأخلاق أصبحت شعاراً للدين ( الدين المعاملة ) فلم يكن الدين صلاة ولا زكاة ولا صوم فحسب.
قال الفيروز آبادي -رحمه الله تعالى-: “اعلم أن الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق؛ زاد عليك في الدين”.
بل إن حسن الخلق من كمال الإيمان ؛ فصاحب الأخلاق الحسنة يكون كامل الإيمان؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا؛ وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا.” [أحمد وأبو داود والترمذي وصححه]. قال المباركفوري: ” أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا “: لأن كمال الإيمان يوجب حسن الخلق والإحسان إلى كافة الإنسان، ” وخياركم خياركم لنسائهم “: لأنهن محل الرحمة لضعفهن.
ولأهمية الأخلاق في الإسلام كانت الفترة الزمنية المكية من بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – منصبة على غرس القيم والأخلاق في أفراد المجتمع:
واستمرت هذه الفترة ثلاثة عشر عامًا لم ينزل فيها أوامر أو نواهي أو تكاليف؛ وهذه هي الرسالة الأخلاقية التي أصاغها جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة قائلاً:
” أَيّهَا الْمَلِكُ كُنّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ وَيَأْكُلُ الْقَوِيّ مِنّا الضّعِيفَ فَكُنّا عَلَى ذَلِكَ حَتّى بَعَثَ اللّهُ إلَيْنَا رَسُولًا مِنّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إلَى اللّهِ لِنُوَحّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزّورِ وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصّلَاةِ وَالزّكَاةِ وَالصّيَامِ ؛ فَعَدّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ “(سيرة بن هشام).
فلو أمرهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن ينخلعوا جملة واحدة من هذه العادات والأخلاق السيئة إلى الأخلاق الحسنة لما استطاعوا وما امتثلوا ؛ لمشقة ذلك على النفس أن تنقلها من أعلى درجات الحرام والفساد الأخلاقي إلى أعلى درجات الصلاح والكمال الأخلاقي؛ ولذلك نزل القرآن والأوامر والنواهي تدريجياً ، قال تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} (الفرقان: 32) ، وعن عَائِشَةَ قَالَت: ” إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنْ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ لَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا ، وَلَوْ نَزَلَ لَا تَزْنُوا لَقَالُوا لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا “. ( البخاري).
ولو طوفنا حول القرآن الكريم لوجدنا أن جميع الرسالات السماوية كلها تدعو إلى مكارم الأخلاق والبعد عن سيئها ؛ كما جاء على لسان الرسل عليهم السلام .
وهكذا تظهر أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام حتى أصبحت شعاراً للدين تمثله كله .
العنصر الثاني: حسن الخلق طريق إلى الجنة
عباد الله : اعلموا أن حسن الخلق طريقٌ إلى الجنة ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ “. [ أحمد والترمذي وصححه ] .
وقد وقفت كثيرًا عند هذا الحديث متسائلًا: لماذا اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على هذين الأمرين ؟!
قال العلماء في ذلك : لأن تقوى الله تصلح ما بينك وبين الله ؛ فتمتثل الأوامر وتنتهي عن المحرمات !!
وحسن الخلق يصلح ما بينك وبين الناس ؛ فلا تكذب على أحدٍ ؛ ولا تخون أحداً ؛ ولا تحقد على أحدٍ …… إلخ
وقد حفلت السنة النبوية المباركة على كثيرٍ من الأحاديث التي تدل على أن الأخلاق طريقٌ إلى الجنة ؛ فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ ” . [ أبو داود والبيهقي والترمذي وحسنه ].
كما أن صاحب الأخلاق الحسنة رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ فعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: الْمُتَكَبِّرُونَ” [الترمذي وحسنه].
وحسن الخلق يثقل موازين العبد يوم القيامة؛ فعَنْ أَبِي الدرداء -رضي الله عنه- قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم ” مَا مِنْ شَيْءٍ فِي اَلْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ اَلْخُلُقِ” ( أَبُو دَاوُدَ).
وكذلك حسن الخلق يرفع العبد منزلة عند الله حتى يبلغ درجة الصائم القائم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ” . [أحمد وأبودواد والطبراني والحاكم وصححه].
وإذا كان حسن الخلق يوجب الجنة فكذلك يحرم صاحبه على النار. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟! عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ” [ الترمذي وحسنه ].
كما أن خلقًا واحدًا من بين سائر الأخلاق قد يكون سببًا في دخولك الجنة، فعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: رَجُلٌ لَقِيَ رَبَّهُ فَقَالَ مَا عَمِلْتَ؟ قَالَ: مَا عَمِلْتُ مِنْ الْخَيْرِ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ رَجُلًا ذَا مَالٍ فَكُنْتُ أُطَالِبُ بِهِ النَّاسَ فَكُنْتُ أَقْبَلُ الْمَيْسُورَ وَأَتَجَاوَزُ عَنْ الْمَعْسُورِ، فَقَالَ: تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي” (مسلم) .
فهذا الرجل لم يعمل خيرًا قط سوى خلقٍ واحدٍ فكان طريقًا له إلى الجنة فما بالك لو تحليت بمكارم الأخلاق كلها؟!!
لذلك اهتم الصحابة بحسن الخلق وطلبه من الله، فعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ : بَاتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ اللَّيْلَةَ يُصَلِّي فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ : ” اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي، حَتَّى أَصْبَحَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، مَا كَانَ دُعَاؤُكَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ إِلا فِي حُسْنِ الْخُلُقِ، قَالَ: يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ، إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ يَحْسُنُ خُلُقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ حُسْنُ خُلُقِهِ الْجَنَّةَ، وَيَسُوءُ خُلُقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ سُوءُ خُلُقِهِ النَّارَ” (شعب الإيمان للبيهقي) .
أحبتي في الله: هناك أمر مهم للغاية أردت أن أنبه عليه وهو : أن كثيرًا منا يكثر من الصلاة والصيام والأعمال الصالحة ؛ ولكنه للأسف يسوء خلقه في التعامل مع الناس والأهل والجيران ؛ فسلك بذلك طريقًا إلى النار بدلًا من طريق الجنة ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا ، وَصِيَامِهَا ، وَصَدَقَتِهَا ، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : ” هِيَ فِي النَّارِ ” ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا ، وَصَدَقَتِهَا ، وَصَلَاتِهَا ، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : ” هِيَ فِي الْجَنَّةِ ” . ( أحمد وابن حبان والحاكم وصححه ) .
أيها المسلمون: إن حسن الخلق لا يقتصر على معاملة الناس فحسب، بل تعدى ذلك إلى عالم الحيوانات والكلاب والقطط؛ فإحسانك إلى البهائم يكون سببًا في غفران ذنوبك ودخولك الجنة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ؛ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ. فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟! قَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ”(البخاري) .
فبحسن خلق هذا الرجل وعطفه ورحمته بالكلب غفر الله له ودخل الجنة.
وعلى النقيض من ذلك، انظر إلى عاقبة سوء الخلق: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ” (متفق عليه).
فإذا كان حسن الخلق مع الحيوانات والكلاب والقطط والدواب سبيلًا إلى الجنة؛ وسوء الخلق مع هذه الفئات سبيلًا إلى النار ؛ وهذا في عالم الكلاب والحيوانات؛ فما بالكم بمن حسَّن خلقه مع بني البشر؟!!! وما أجمل قول ابن حبان: “ الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها ” .
فعليكم أيها المسلمون أن تحسنوا أخلاقكم لتكون طريقكم إلى الجنة ؛ وإياكم وسوء الخلق حتى لا يكون طريقكم إلى النار !!
العنصر الثالث: وسائل اكتساب الأخلاق
عباد الله: قد يقول قائل: قد علمتُ أهميةَ الأخلاقِ وأنها طريقٌ إلى الجنة ؛ فكيف أكتسب تلك الأخلاقَ الحسنةَ وأطبقها؟!
أقول: هناك وسائل لاكتساب حسن الخلق تتمثل فيما يلي:-
أولًا: الدعاء بحسن الخلق: كما كان صلى الله عليه وسلم يدعو بذلك :” وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا َنْتَ؛ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ ” (الترمذي)، كذلك كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ من سوء الخلق فكان يقول : ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ ” . ( أبو داود والنسائي) .
ثانيًا: سلامة العقيدة : فالسلوك ثمرة لما يحمله الإنسان من فكر ومعتقد، وما يدين به من دين، والانحراف في السلوك ناتج عن خلل في المعتقد، فالعقيدة هي الإيمان، وأكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا؛ فإذا صحت العقيدة؛ حسنت الأخلاق تبعًا لذلك؛ فالعقيدة الصحيحة تحمل صاحبها على مكارم الأخلاق، كما أنها تردعه عن مساوئ الأخلاق.
ثالثاً: المداومة على العبادة والطاعة: لأن الإسلام لم يشرع العبادات بكافة صورها طقوسًا ولا شعائر مجردة من المعنى والمضمون، بل إن كل عبادة تحمل في جوهرها قيمةً أخلاقيةً مطلوب أن تنعكس على سلوك المسلم المؤدي لهذه العبادة، ولو طوفنا حول جميع العبادات لوجدنا الهدف منها هو تهذيب الأخلاق وتزكيتها ؛ فالعبادة علاقة بينك وبين ربك، أما السلوك فهو علاقة بينك وبين الناس، ولابد أن تنعكس العلاقة بينك وبين ربك على العلاقة بينك وبين الناس، فتحسنها وتهذبها!!
رابعاً: علو الهمة في التحلي بالأخلاق :
فعلو الهمة يستلزم الجد، ونشدان المعالي، والترفع عن الدنايا ومحقرات الأمور؛ والهمة العالية لا تزال بصاحبها تزجره عن مواقف الذل، واكتساب الرذائل، وحرمان الفضائل حتى ترفعه من أدنى دركات الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد، قال ابن القيم رحمه الله: ” فمن علت همته، وخشعت نفسه؛ اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته، وطغت نفسه؛ اتصف بكل خلق رذي ل”. وقال رحمه الله: ” فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها، وأفضلها، وأحمدها عاقبة، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات، وتقع عليها كما يقع الذباب على الأقذار؛ فالنفوس العلية لا ترضى بالظلم، ولا بالفواحش، ولا بالسرقة ولا بالخيانة؛ لأنها أكبر من ذلك وأجل؛ والنفوس المهينة الحقيرة الخسيسة بالضد من ذلك”.(الفوائد).
فينبغي على المرء ان يوطن نفسه على معالي الأمور والأخلاق ويتنزه عن سفسافها.
خامساً: أن يتخذ الناس مرآة لنفسه: فكل ما كرهه، ونفر عنه من قول أو فعل أو خلق فَلْيَتَجَنَّبْه، وما أحبه من ذلك واستحسنه فليفعله. وصدق من قال: إذا أعجبتك خصـال امرئٍ………… فكنْهُ تكن مثل ما يعجبك
فليس على المجد والمكرمات…………..إذا جئتها حاجب يحجبك
ولذلك يقول لقمان الحكيم: تعلمت الحكمة من الجهلاء, فكلما رأيت فيهم عيبًا تجنبته !! ولهذا كان الصحابة يسألون الرسول- صلى الله عليه وسلم – عن الخير؛ وحذيفة – رضي الله عنه- يسأله عن الشر مخافة أن يدركه. ( انظر صحيح البخاري) .
سادسًا: مصاحبة الأخيار وأهل الأخلاق الفاضلة: فالمرء مولع بمحاكاة من حوله، شديدُ التأثر بمن يصاحبه؛ فالجبان قد تدفعه قوة الصداقة إلى أن يخوض في خطر؛ ليحمي صديقه من نكبة. والبخيل قد تدفعه قوة الصداقة إلى أن يبذل جانبًا من ماله لإنقاذ صديقه من شدة. فالصداقة المتينة لا تحل في نفس إلا هذبت أخلاقها الذميمة؛ فإذا كان الأمر كذلك فما أحرى بذي اللب أن يبحث عن إخوان الثقات؛ حتى يعينوه على كل خير، ويقصروه عن كل شر؛ فينبغي على المرء أن يحسن اختيار الصاحب، لأنه يكون على هديه وطريقته ويتأثر به، كما قيل: الصاحب ساحب، حتى لو أردت أن تعرف أخلاق شخصٍ فسأل عن أصحابه.
قال الشاعر: عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وَسَل عَن قَرينَهُ ………… فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ يَقتَدي
وقال آخر: واحـذرْ مُصاحبـةَ اللئيـم فـإنّـهُ …………. يُعدي كما يُعدي الصحيـحَ الأجـربُ
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ” [ الترمذي وحسنه ].
سابعاً: الاقتداء بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم:
فهو القدوة والأسوة والمثل الأعلى في مكارم الأخلاق حيث شهد له ربه في علاه بقوله: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } ( القلم : 4 ) ؛ روي أن أعرابيًا قال لسيدنا على – رضي الله عنه – عدِّد لنا أخلاق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – !! فقال له سيدنا على – رضي الله عنه -: هل تعرف العدّ ؟ قال الأعرابي : نعم ! فقال على – رضي الله عنه – : عد لي متاع الدنيا ! فقال الأعرابي : متاع الدنيا لا يعدُّ ! فقال سيدنا على – رضي الله عنه : عجزت عن عد القليل ! إذ يقول الله تعالى : { قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ } ( النساء : 77 ) . وطلبت مني عد العظيم ؛ حيث يقول تعالى : { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } . ( القلم : 4 ) !!
ثامناً: النظر في سير السلف الصالح: فهم أعلام الهدي، ومصابيح الدجى، وهم الذين ورثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه وسمته وخلقه، فالنظر في سيرهم، والاطلاع على أحوالهم ؛ وقراءة تراجمهم مما يحرك العزيمة على اكتساب المعالي ومكارم الأخلاق؛ ذلك أن حياة أولئك تتمثل أمام القارئ، وتوحي إليه بالاقتداء بهم، والسير على منوالهم .
عباد الله: هذه هي وسائل اكتساب الأخلاق فالزموها وعلموها أبناءكم وبناتكم وأهليكم؛ حتى تسعدوا بحسن الخلق ومحبة الناس في الدنيا ؛ وتفوزا برفقة النبي – صلى الله عليه وسلم – في الجنة .
العنصر الرابع: أثر الأخلاق في صلاح الأمة
عباد الله: اعلموا أن صلاح الأمة وقوامها في الأخلاق ؛ يقول أمير الشعراء أحمد شوقي – رحمه الله – :
إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت …………فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقال: وَإِذا أُصـــيــبَ الـــقَــومُ فـــــي أَخــلاقِــهِـم………. فَـــــأَقِـــــم عَـــلَـــيــهِــم مَــــأتَـــمـــاً وَعَـــــويــــلا
وقال: صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ…………… فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ
فعلينا أن نتخلق بأخلاق الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأن نتأدب بآدابه ؛ لذلك كان الصحابة دائمًا يسألون عن أخلاقه ليمتثلوا به ويقتدوا بأخلاقه صلى الله عليه وسلم؛ فقد سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن أخلاقه فقالت:” كان خلقه القرآن ” ( مسلم)، قال الإمام الشاطبى: “وإنما كان خلقه القرآن لأنه حكَّم الوحي على نفسه ؛ حتى صار في علمه وعمله على وِفْقِه؛ فكان الوحي حاكمًا وافقًا قائلًا ؛ وكان هو عليه الصلاة والسلام مذعنًا ملبيًا نداءه؛ واقفًا عند حكمه .” .(الاعتصام).
فكان صلى الله عليه وسلم قرآنًا يمشي على الأرض؛ أي كان حريصًا على تطبيق ما في القرآن. وقال النووي: ” وكون خلقه القرآن هو أنه كان متمسكًا بآدابه وأوامره ونواهيه ومحاسنه؛ ويوضحه أن جميع ما قص الله تعالى في كتابه من مكارم الأخلاق مما قصه من نبي أو ولي أو حث عليه أو ندب إليه كان صلى الله تعالى عليه وسلم متخلقًا به؛ وكل ما نهى الله تعالى عنه فيه ونزه كان صلى الله تعالى عليه وسلم لا يحوم حوله.”
أحبتي في الله:
إننا لو نظرنا إلى واقعنا المعاصر لوجدنا انفصالًا وانفصامًا في أخلاقنا بين النظرية والتطبيق ؛ وسأحكي لكم قصة تدل على مدى الانفصام والانفصال بين النظرية والتطبيق؛ وإن شئت فقل بين الواقع والمأمول في الجانب الأخلاقي: شاب يعمل في دولة أجنبية، فأعجبته فتاة أجنبية فتقدم لخطبتها وكانت غير مسلمة، فرفض أبوه لأنها غير مسلمة، فأخذ الشاب مجموعة من الكتب تظهر سماحة الإسلام وروحه وأخلاقه ثم أعطاها لها، طمعًا في إسلامها وزواجها، فطلبت منه مهلة شهرين تقرأ الكتب وتتعرف على الإسلام وروحه وأخلاقه وسماحته، وبعد انتهاء المدة تقدم لها فرفضته قائلة: لست أنت الشخص الذي يحمل تلك الصفات التي في الكتب، ولكني أريد شخصًا بهذه الصفات.
ويحزنني قول أحد العلماء المسلمين لما سافر إلى دول الغرب ووجدهم يطبقون تعاليم الإسلام قائلًا: وجدت هناك إسلامًا بلا مسلمين وهنا مسلمين بلا إسلام.
أخي المسلم: إن أثر العبادة لابد أن يظهر في سلوكك وتعاملك وأخلاقك مع الآخرين:
وبذلك تكون عبادتك صحيحة ومقبولة وإلا فلا عبادة لك، فلنتأسى بالنبي وسلفنا الصالح في ذلك وسأضرب لك بعض الأمثلة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ ، وَقَعَ رَجُلٌ بِأَبِي بَكْرٍ فَآذَاهُ ، فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّانِيَةَ ، فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّالِثَةَ ، فَانْتَصَرَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْتَصَرَ أَبُو بَكْرٍ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَوَجَدْتَ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” نَزَلَ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُكَذِّبُهُ بِمَا قَالَ لَكَ ، فَلَمَّا انْتَصَرْتَ وَقَعَ الشَّيْطَانُ ، فَلَمْ أَكُنْ لأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ “( أحمد وأبو داود بسند حسن ).
فينبغي عليك أن لا ترد على من سبَّك لأن الله وكل ملكًا يرد عنك فإذا رددت انصرف الملك وحضر الشيطان ولا يخفى عليك حضور الشيطان ليمارس مهنته!!
لذلك قال الشافعي: يخاطبني السفيه بكل قبح……….. فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلماً………..كعود زاده الإحراق طيبا
وقال: إذا نطق السفيه فلا تجبه……….. فخير من إجابته السكوت
إن كلَمته فرَجت عنه ………..وإن تركته كمداً يمـوت
وقال: إذا سبني ندل تزايدت رفعة……. وما العيب إلا أن أكون مساببه
ولو لم تكن نفسي علي عزيزة……… لمكنتها من كل ندل تحاربه
فلو اضطررت للكلام فلا تقل إلا خيرًا، كما مر عيسى عليه بقوم من بني إسرائيل فقالوا له شرًا ، فقال خيرًا، فقيل له: إنهم يقولون لك شرًا وتقول خيرًا ؟! فقال لهم عليه السلام : كل واحد ينفق مما عنده !!
ولذلك ضرب بالأحنف بن قيس المثل في الحلم والصفح وحسن الخلق ، فقيل له: كيف وصلت إلى هذه المنزلة؟ فقال: ما آذاني أحد إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث : إن كان فوقي عرفت له فضله، وإن كان مثلي تفضّلت عليه، وإن كان دوني أكرمت نفسي عنه .
فما أعظمها من مُثُل وما أجملها من أخلاق، لو طبَّقنا ذلك عملياً .
وهذا ما أمر الله به نبيه عليه الصلاة والسلام : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }؛ لما نزلت قال صلى الله عليه وسلم: “ما هذا يا جبريل؟” قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك.”( تفسير ابن كثير) .
أيها المسلمون: إننا في حاجة إلى أن نقف وقفة مع أنفسنا وأولادنا وأهلينا في غرس مكارم الأخلاق والتحلي بها ؛ نحتاج إلى نولد من جديد بالأخلاق الفاضلة؛ نحتاج إلى نغير ما في أنفسنا من غل وحقد وكره وبخل وشح وظلم وقهر ودفن للقدرات والمواهب إلى حب وتعاون وإيثار وعدل ومساواة ورفع الكفاءات؛ إذا كنا نريد حضارة ومجتمع وبناء دولة !!! فهل لذلك أذن واعية ؟!!
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرفُ عنا سيئها إلا أنت.!! اللهم آمين؛؛؛؛
الدعاء،،،،، وأقم الصلاة،،،،،
كتب خطبة الجمعة القادمة : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
الخطبة المسموعة (خطبة الجمعة) علي اليوتيوب
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
الخطبة المسموعة (خطبة الجمعة القادمة المسموعة) علي اليوتيوب